أورد مو قع أخبار الـ (بي بي سي) الإفريقية في الإسبوع الماضي إن ظاهرة التوريث باتت تتمد في القرن الإفريقي، حيث ذكر في رصده للظاهرة في شمال إفريقيا ، إن هناك دلائل واضحة نحو تأسيس قواعد توريث الحكم في مصر لجمال مبارك نجل الرئيس حسني مبارك (بلغ عمره 81عاما) والذي بدأ حياته العملية كرجل بنوك، وفي ليبيا يشغل سيف الإسلام القذافي صفة المبعوث الخاص لوالده في سياق وراثة إبيه ، فيما بات شقيق الرئيس عبدالعزيز توتفليقة مستشاره الأول في الجزاير، وفي تونس يحظى صهر الرئيس ساكح المطري بتلميع ظاهر ، وهو رجل أعمل نافذ في الشئون السياسية ، وليس هذا الصهر فقط بل تتسم زوجة الرئيس فيها بثقل قوي في إدارة النظام ، بينما توجد ملكة في المغرب . ويبدو إن هذه الظاهرة باتت تتمدد من الشط الشرقي للبحر الأحمر إلى شواطئ الأطلنطي الشرقية كما جاء في التقرير. ومن المحتمل في ظل ضعف منظمات المجتمع المدني، وقبل أن تتجذر قوى المعارضة في تلك البلدان ، والإستحواذ على القدرة الإقتصادية فيها، أن يعزز ذلك من فرص تربعهم على السلطة . خاصة وإن تلك الشعوب تتسم بالتطلع نحو النماء الرأسمالي ، ويجعلهم هذا الوضع قادرين على توجيهها نحوه دون التطلع إلى السلطة ( يترك الشعب حق المساهمة السياسية على حساب المنفعة الإقتصادية) كما يقول السيد جورج جف الخبير في شئون شمال إفريقيا بجامعة كامبردج.

وإذا كان هذا في دول الصحراء الكبري، فإن الوضع المماثل لأسياس أفورقي نموذجه يتمثل في الكونغو، حيث نقلت السلطة فورا إلى يوسيف كابيلا إبن الرئيس لوران كابيلا عندما لقى مصرعه على يد أحد حراسه في يناير 2001م .

وليس التوريث هي الماثرة الوحيدة التي يسعى إليها أقرباء الرؤساء الديكتاتوريين ، بل يعيثون فسادا في تلك البلاد، فعلى سبيل المثال إن ثاني أباتشي الذي حكم نيجيريا في الفترة بين 1993 – 1998م حيث مات في ذلك العام ، تبين إن إبنه كان متورطا في فساد مالي حسب ما أبرزته وسائل الإعلام ، وصدر بحقه حكما قضائيا كأحد عناصر مجموعة مارست فسادا إداريا واسعا في تلك الفترة . وذكر تقرير الـ بي بي سي إن السلطات السويسرية التي أجرت تحقيقا رسميا في الشأن النيجيري، إنها أعادت إلى الخزينة النجيرية نحو 700 مليون دولار.

ويقدر المبلغ الذي فقدته نيجيريا خلال حكم الجنرال أباتشي بنحو2,2 مليار دولار. وفي هذا الأسبوع أصدرت  إحدى المحاكم السوسرية حكما بمصادرة ممتلكات تعود لإبن الجنرال وتقدر قيمتها بمبلغ 350 مليون دولار. إضافة لذلك إن عديد من غلاة الديكتاتوريين لكثرما حاولوا التوريث لإبنائهم لو لم يطل بهم حبل الحياة .

وليست إفريقيا هي الوحيدة في هذا الصدد، إذ دول أخرى سوريا مثلا  لوت عنق دستورها بتعديل حق الترشح للرئاسة  من 45 عام إلى 34 حتى يتسنى لبشار الأسد وراثة موقع أبيه حافظ الأسد  الذي توفي في يونيو2000م وكان من أبرز ديكتاتوريي الشرق الأوسط  .

إن كراهية ورفض الديكتوريين للنظم الدستورية والمجالس والإنتخابات الديمقراطية تنبع من كونها يقف حجر عثرة أمام إستحواذهم الدائم على السلطة ، وفي سبيل إستمرارية سلطاتهم المطلقة ، وإطالة امد سيطرتهم ، لا يعدمون التبريرات التي تتصدر عناوين أدواتهم الدعائية، أو المظالم التي يقترفونها ، أو الأكاذين الباطلة التي يطلقون لها العنان .