الجميع تابع ملتقى القوميات تحت إسم الجبهة الديمقراطية للقوميات الإرترية ويضم  ( الساهو والعفر والكوناما والبلين والنارا ) والذي تم إفتتاحه بتاريخ 28/06/2010 م في مدينة مقلي الاثيوبية . والقائمون على المؤتمر يؤكدون دوماً بأنهم قاموا لحماية  حقوق ومصالح فئات الشعب الإرتري  المغلوبة على أمرها والتي إفتقدت  حق الرعاية لمصالحها الكاملة والإستفادة من ثمار نضالها ، وفي الواقع إن جميع القوميات المشار اليها أعلاها هي من القوميات التي قدمت التضحيات العظام وقدمت الغالي والنفيس في الماضي إبان الثورة ضد الإستعمار الإثيوبي وحالياً لإنقاذ الشعب الإرتري من جبروت الطاغية إسياس أفورقي فهي بالحق تستحق الإجلال والتقدير بما تقوم به من جهد جبار في أوساط التنظيمات الإسلامية والتنظيمات الوطنية الأخرى لتخليص الشعب الإرتري من ظلم إسياس.


ومن المعروف في جميع دول العالم والثورات التحررية التي تنشد التغيير والإصلاح السياسي لا تسلك سبيل التقوقع والإنحصار في القومية أو الأقليمية أو العشائرية . وإنما مثل هذا الطريق يسلكه العاجزون والمنهزمون وأصحاب النفوس  الضعيفة التي تلهث وراء سراب الزعامة والجاه ولتأمين تسيير الحياة اليومية . فانظر إلى الثورة الفرنسية التي غيرت وجهة التاريخ في أوروبا لم تتخذ  الأقليمية أو العشائرية طريقاً لها وكذلك كانت الثورة الليبية ضد الإيطاليين وكذلك فعلت الثورة الجزائرية ضد الإستعمار الفرنسي . وإذا نظرنا في الثورة الإرترية ضد الإستعمار الإثيوبي لم تكن منحصرة في قومية واحدة وإنما كانت بمشاركة جميع القوميات الإرترية وثمار النصر والحرية والإستقلال لإرتريا فهو لا يحسب لقومية بعينها وإنما يحسب لجميع القوميات الإرترية بلا فرز بل كانت جميع القوميات متوحدة ومنسجمة ضد الإستعمار الإيثوبي، ولكن عندما ظهرت رائحة القومية والأقليمية في جسم الثورة أصبحت كأن لم تكن بالأمس . وما يؤلمني اليوم هو التكتل الهش فاقد الشرعية الذي سمي زوراً وبهتاناَ بملتقى القوميات الإرترية وأنا أتساءل  من فوض المشاركين  لتمثيل قومياتهم  في الملتقى مع العلم أن شخصيات لها وزنها ومكانتها في القوميات المشاركة لم تكن من المدعوين بل لا علم لهم لا من بعيد ولا من قريب بما يدور في شأن قومياتهم ، عليه في تقديري الملتقى من الناحية القانونية غير شرعي لأن مكون من مكونات القوميات المشاركة غير راضية لا بالملتقى ولا بالأشخاص الممثلين في الملتقى بل هم غير مرغوب فيهم من قبل القوميات . ثم لماذا كنا نكر على إسياس عندما فرض التدريس بلغة الأم بمعنى آخر كل قومية يتم تدريسها بلهجتها ألم تكن هي نفسها القومية ، ثم هذه العملية جربت في الثورة الإرترية في تقسيم المناطق العسكرية الخمسة التي فشلت فشلاً ذريعاً وكانت نتائجه واضحة في مؤتمر أدوبحا ، ومن جرب المجرب فعقله مخرب . وإذا كان هذا الامر معمول به في إثيوبيا فهذا شأنهم ونحن شعب لا نقبل الإستنساخ لدينا نسيج إجتماعي متماسك لا يحتاج أن نستورد له سلوك تعامل من الأخرين . والأمر الأخر لماذا ملتقى القوميات يسبق الملتقى الوطني الإرتري بأيام قليلة هل كانت صدفة أم مخطط لها ؟ فإذا كانت صدفة فهذا يعني أن القائمين على الملتقى المزعوم لم يقوموا بالتحضير ولا بالتجهيز وإنما تمت الإشارة إليهم من قبل الجهات التي تقف من وراء هذا الملتقى لتنفيذ أجندة غير مرغوب فيها وغير وطنية . في تقديري الأمر لم يكن صدفة وإنما مخطط له مسبقاً من قبل الحكومة الإثيوبية لإحداث ثقوب في جدار الوحدة الوطنية ولإرباك القيادات القائمة على تحضير ملتقى الحوار الوطني . فنسمي الأمور بمسمياتها الحكومة الإثيوبية غير جادة لإنجاح ملتقى الحوار الوطني ، فقط جادة لإنعقاد ملتقى الحوار الوطني لتكريس الإنشقاقات في التحالف الوطني وللإستفادة الإعلامية من التظاهرة الجماهيرية التي سوف يحدثها هذا الملتقى .


من وراء ملتقى القوميات في مقلي .

الناظر لمسيرة قوى المعارضة الإرترية يجد أنها فوتت فرص قد لا تتكرر في المستقبل المنظور عندما كانت هذه المعارضة في السودان حيث تواجد وزخم القواعد الجماهيرية للمعارضة وكذلك سهولة حركة الدخول والخروج من وإلى إرتريا ، وبعبارة أخرى إن معسكرات المعارضة المتواجدة في إثيوبيا ما هي الا كنتونات مغلقة لا يتم إطعامهم ولا يتركوهم يأكلوا من خشاش الأرض . وفي تقديري دخول المعارضة في وحل ومستنقع الحكومة الإيثوبية بعد إغلاق مكاتب المعارضة في السودان أمر يحتاج إلى وقفة وتقييم للفترة الماضية لأن في العلاقات السياسية لا يوجد شيء حتمي وإنما هي مصالح بين الطرفين يتم تقييمها في إطار الربح والخسارة . عملياً ووفق متابعتي للأحداث السياسية لقوى المعارضة الإرترية لا يوجد ما إستفدناه منها سوى فتح المكاتب والمعسكرات التي يتم دعمها بالقطارة ولولا ان  الغريق يتعلق بالقشة كما يقال ما يدفع لتنظيم كامل لتسيير مؤسساته التنظيمية لا يرقى أن يدفع راتب قيادي واحد في التنظيم . ويكفي ذلك إزدراءاً وإستخفافاً بالقيادات المعارضة وبالتالي بالشعب الإرتري عندما قال وزير الخارجية الإثيوبي في لقائه الأخير مع قيادات المعارضة  بأن إستراتيجية الحكومة الإثيوبية خلال  الإثني عشرة سنة الماضية لم يكن في أجندتها إسقاط النظام في أسمرا !!! لم يراع فيها شعور قيادات المعارضة من هذا التصريح وكيف سوف يبررون لقواعدهم وجماهيرهم ، وأنا كنت أتوقع من الحضور أن ينفضوا من حوله حفاظاً لكبريائهم وكرامتهم وحفظ ماء وجههم مع القواعد التي حملتهم مسؤولية القيادة . هذا هو الواقع السؤال المطروح ما هي خطوات المعارضة التي تمت حيال هذه القضية  ؟ وهل هناك بدائل مطروحة أم سوف نمعن في الإذلال لحين أن يأت الفرج من الفراج ؟


في قناعاتي الشخصية تظل الحكومات الإثيوبية المتعاقبة العدو الإستراتيجي لإرتريا أرضاً وشعباً وأطماعها الإستعمارية والتوسعية المباشرة أو غير المباشرة  سيظل مستمراً وفق المعطيات الآتية.


*    الإستعمار الإثيوبي لإرتريا في فترة هيلي سلاس .


*        الإستعمار الإثيوبي لإرتريا إبان منقستو هيلي ماريام يستمر على خطى سلفه .


*        الحرب الإثيوبية الإرترية على منطقة بادمي والتي راح ضحيتها ما يربوا على 80000 الف قتيل من الجانبين خلال معارك لم تتجاوز الشهور وهذا العدد قد يقترب من عدد ضحايا الإستعمار خلال ثلاثين عاماً.


*        المعاملة الغير إنسانية التي تلقاها أفراد الشعب الإرتري المتواجدين في إثيوبيا من قبل    السلطات الإثيوبية ومصادرة ممتلكاتهم وطردهم من البلاد بطريقة وحشية وغير إنسانية بالرغم أن بعض الإرتريين كانوا

يعيشون في إثيوبيا منذ سنين طويلة حتى قبل إستقلال إرتريا علماً بأن ليس كل إرتري هو عضو في الجبهة الشعبية الحاكمة ولكن الحقد الإثيوبي كان لكل من هو إرتري ضد أو مع النظام .


*       رفض تنفيذ قرار ترسيم الحدود بين إرتريا وإثيوبيا  بعد  صدوره من المحكمة الدولية  وهو دليل واضح على الأطماع الإثيوبية على الأراضي والبحار والأجواء الإرترية في المستقبل القريب .

*       خلافات التحالف في عام 2003 وفرض حروي تدلابايرو في رئاسة التحالف وبسببه تم إنسحاب المجلس الثوري من التحالف .


*       إنشقاق التحالف إلى 7 + 3 + 1 الذي كاد أن ينسف تجربة الوحدة الوطنية كلياً .


*       محاولة الإنفراد بالملف الإرتري بقية التلاعب به وفرض أجندتها الخاصة .


*       إستراتيجية الحكومة الإثيوبية خلال الإثني عشرة سنة الماضية لم يكن في أجندتها إسقاط النظام في أسمرا .


*       تنظيم ملتقى القوميات لإفشال ملتقى الحوار الوطني .


كل النقاط المذكورة كانت تعمل عليها الحكومة الإثيوبية في الغرف المغلقة لتشتيت قوى المعارضة وإدخال التشكيك في البعض ونسف الوحدة الوطنية وفرض أجندتها الإستعمارية بثوب جديد إستعمار بالوكلاء دون التدخل العسكري التقليدي ، وأنا أقول الشعب الإرتري الذي قاوم وقاتل الإستعمار وقدم التضحيات الجسام من أجل نيل الحرية والإستقلال سوف يقف  مع الوحدة الوطنية مهما حاولت إثيوبيا غير ذلك وسوف يحافظ على وحدة أراضيه وترابه الوطني  وكفى السكوت على الممارسات الإثيوبيا الغير مسؤولة.


خلاصة القول أدعوا القوميات الإرترية أن تكون يقظة حتى لا تمرر أجندة خفية بإسمها في إفساد النسيج الإجتماعي الإرتري ليحل محلها الفوضى الخلاقة .

وأرجو من قيادات قوى المعارضة بأن تقوم بتثقيف قواعدها بمخاطر تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ والتمسك بالوحدة الوطنية التي هي صمام الأمان لتحقيق الأمن والإستقرار في ربوع إرتريا . ويجب البحث عن خيارات وبدائل أخرى في العلاقة مع الحكومة الإثيوبية حتى التطمينات والوعود ما هي إلا جزرة تلوح بها للإستفادة من الوقت لإحداث أكبر شرخ في وسط المعارضة لكي تقوم بالاصطياد في الماء العكر .

الحكومة الإثيوبية تقوم بهذه المساعي لإضعاف قوى المعارضة  وتشتيتها وتفكيك النسيج والبنية التحتية الإجتماعية للشعب الإرتري لكي تصنع حكومة ضعيفة موالية لها  لتسرح وتمرح في ربوع إرتريا بعد أن تقوم بإبعاد الغيورين على أرضهم وعرضهم من المجاهدين والمناضلين الحادبين على أرضهم وشعبهم

بقلم : أبوالحارث المهاجر