- الشعب الارتري شعبا ذكيا بفطرته حيث كان الكثير من ابنائه البسطاء على معرفة تامة بما يحدث اليوم , وكانوا يقرأون المستقبل من خلال تحليل الواقع , فما كان يراه البعض منهم  قبل 19 عاما واكثر نعيشه هذه اللحظات فليتنا نتعلم من هذا الشعب الحكيم  .

- فقبل ما يقارب 19 عاما , اي لحظة اعلان خروج المستعمر الاثيوبي إختلطت مشاعر الفرحة بالحزن عند الكثير من ابناء الشعب الارتري , فرحة بالانتصار وحزنا على المستقبل والمصير المظلم الذي ينتظرهم  .

- وفي اللحظة التي خرج فيها البعض معبرا عن فرحته وسروره كان البعض الآخر يستعرض شريطا طويلا من الذكريات والتضحيات الجسام التي قدمها شعبنا لنيل حرية البلاد والعباد , وكان التردد سيد الموقف عندهم لمعرفتهم بالشعبية ودرايتهم باسياس , فكانوا على وجل وخوف من المستقبل المعلوم عندهم والمجهول عند الكثيرين !!! ذلك المستقبل الذي كان ينتظر ارتريا وشعبها في ظل حكم أسياس واعوانه .

- ولا اريد هنا ان اثبت هل تحققت مخاوفهم ؟ وهل صحت توقعاتهم ام لا فالشواهد تكفي والكل يعلم مايحدث الآن في ارتريا والتكرار ممل والروتين قاتل !!.

- ويكفي ان البعض وصل به الحال الى قول ان عهد الاستعمار كان افضل  !!! كنتيجة طبيعية للمعاناة اللامحدودوة التي يعيشها شعبنا .

- ويحضرني مشهدا هنا وكنت حينها لا اعرف حتى مفردات من اللغة التقرنية ولا اجيدها الآن ايضا , ولكن تلك المفردات لا أنساها ابدا وذلك المشهد سيظل عالقا بالذهن .

- والمشهد كان حوار بين اثنين من الاعمام محمود وقبري  بالحي حيث كنت اقيم بشرق السودان (  اعتدنا على مناداة من هو في عمر الوالد بالعم ) .

- سلم او حيا  العم  محمود  على العم  قري قائلا مبروك ( حرنت مطيئا )  بمعنى جاءت الحرية , ورد العم  قري باختصار ايضا ( حرنت ولا بارنت ) وصمت الرجلان بعدها برهة من الوقت ثم واصلا ذكرياتهما في عهد النضال .

- قال العم قري تلك الكلمات وظننته انه كان سعيدا بالانتصار وخروج المستعمر وهو كذلك , ولكنه ايضا كان حزينا لانه كان يعلم خفايا ما تحمله الايام على أيد اسياس وهذا مالم اعرفه حينها انا وفي اعتقادي الكثير من الشعب الارتري ايضا !!!

- وبعد فترة ليست بالطويلة سافر او غادر العم قري الى اوربا     !!! في وقت كان البعض من ابناء الشعب الارتري يشد الرحال الى ارتريا !! وقد عاد الكثير منهم , وينتظر من تبقى سانحة الهروب والخروج من ارتريا والتي اصبحت جحيما لا يطاق !!!    

- وبعد مضي أكثر من عشر اعوام من ذلك الحدث عرفت معنى تلك المفردات التي تداولها الاعمام ( حرنت ولا بارنت ) حيث ان حرنت تعني  الحرية وبارنت تقابلها العبودية في اللغة العربية !!!.

- عرفت معنى الكلمتين ( حرنت وبارنت ) بعد هذه الفترة الطويلة وبعدها سالت العم محمود لماذا قال العم قري تلك المفردات في تلك اللحظات ؟؟ في حين  ان الكثير من ابناء التقرنية كانوا فرحين اكثر من غيرهم لمجيئ تلك اللحظات بقيادة  الشعبية والتي يناصرها الكثيرين منهم ؟؟

- فقال العم محمود ( يا ولدي ليس كل التقرنية مع النظام خاصة ابناء اكلي قزاي والذين دفعوا ثمنا غاليا لمواقفهم ضد سياسات التفرقة بين الشعب الارتري ! كما انه ليس كل غير التقرنية ضد الشعبية ! وعمك قري وغيره كانت لهم مواقف مشرفة ضد برنامج نحن واهدافنا ( نحنان علامانان ) والذي هدف الى اقصاء المسلمين وتم كيل وتوجيه العديد من الاتهامات اليهم فيه ) .

- وهذا يؤكد ان البسطاء من شعبنا كانوا على معرفة تامة بما يحدث اليوم واجادوا قراءة الواقع واستشرفوا المستقبل من معطياته فكم كانت تقديراتهم صحيحة في وقت كان لمثقفينا تقديرات أخرى !!! فليتنا نتعلم من هذا الشعب المعلم .

- امنياتنا للشعب الارتري ان يستقبل اعياد الاستقلال المقبلة  ومعاني الاستقلال الحقيقي التي قدم لاجلها آلاف الشهداء وكل غال ونفيس قد تحققت , وان ينعم بالامن والحرية والاستقلال والعدالة الحقيقية , وحتى ذلك الوقت وتلك اللحظات فالحرية منقوصة , والاستقلال لم يكتمل , وتساؤلات الاعمام تلك يرددها كل الشعب الارتري ( حرية ام عبودية )؟؟ استقلال ام استغلال ؟؟؟

ولك الله يا شعب ارتريا ,,,

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.
-